ذكر جهاز الاستخبارات القومي في كوريا الجنوبية يوم الجمعة الماضي، في إفادة أمام البرلمان، أن ضغوط جائحة فيروس كورونا والاقتصاد الضعيف أثارت غضب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، مما جعله يوافق على إعدام شخصين على الأقل في الشهور الثلاثة الماضية. وصرح «ها تاي-كيونج»، عضو البرلمان من المعارضة، للصحفيين بعد حصوله على إفادة من جهاز الاستخبارات القومي في سيول، بأن «كيم جونج أون يتخذ إجراءات غير منطقية. إنه يسرف في التنفيس عن غضبه ويتخذ إجراءات تفتقر إلى المنطق». وصرح النائب «ها» أن تاجر عملات أجنبية أُعدم في أكتوبر الماضي وأُعدم مسؤول من الجمارك على الحدود الصينية في أغسطس بسبب عدم الالتزام بالقيود الصارمة على الواردات التي يُراد بها منع دخول فيروس كورونا إلى البلاد.
وأضاف «ها» أن «مديرين كباراً واجهوا عقوبات شديدة أو حتى الإعدام لعدم التزامهم بقواعد الفيروس». وبيانات الاستخبارات الكورية الجنوبية لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل. والمعلومات التي تتسرب من كوريا الشمالية، التي تحيطها السرية، محدودة للغاية. ومثل هذه التقارير لا تكون دقيقة دائماً. لكن خبراء يرون أن كيم ربما يشعر بضغوط بعد إغلاق الحدود الصينية في بداية العام مع انتشار فيروس كورونا حول العالم. والتجارة مع الصين يُنظر إليها عادة، باعتبارها شريان الحياة الاقتصادية لكوريا الشمالية. لكن هذا الشريان انقطع تقريباً. وحجم تجارة كوريا الشمالية مع الصين انخفض بنسبة 73% في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2020 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لتقرير نشره يوم الجمعة اتحاد كوريا للتجارة الدولية في سيول.
وفي غمرة خوف كوريا الشمالية من الفيروس، أقامت بيونج يانج مناطق عازلة على الحدود مع الصين وحذرت مواطنيها الذين سيدخلون دون تصريح من إطلاق النار عليهم في الحال، في إجراء أدانته منظمة «هيومن رايتس ووتش»، باعتباره «انتهاكاً خطيراً لقانون حقوق الإنسان الدولية». وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها لم تشهد أي حالات مؤكدة من فيروس كورونا في كوريا الشمالية حتى الخامس من نوفمبر المنصرم، رغم تشكك خبراء طبيين مستقلين في أن الفيروس كان بعيداً تماماً عن البلاد. وذكر «ها» (المشرع الكوري الجنوبي) أن أسعار السكر والتوابل في كوريا الجنوبية ارتفعت أربعة أمثالها مع انحسار الواردات من الصين في ظل فرض إغلاق مؤقت في نوفمبر على مدن ومقاطعات بأكملها، معظمها بالقرب من الحدود، بعد اكتشاف تهريب لعملات أو بضائع أجنبية.
وأشار «ها» إلى أن «جنون العظمة» لدى كوريا الشمالية في ما يتعلق بمخاطر «كورونا» تجلى في رفضها قبول 110 آلاف طن من الأرز قدمتها الصين كمساعدة، وفي قرار يحظر الصيد وإنتاج الملح بسبب مخاوف من احتمال تلوث مياه البحر بالفيروس. وأضاف «ها» أن كوريا الشمالية حاولت القرصنة على شبكة كمبيوتر خاصة بشركة عقاقير كورية جنوبية تطور لقاحاً ل«كوفيد - 19»، لكن المحاولة أُحبطت. وكتب مدير من مايكروسوفت في تدوينة في وقت مبكر من نوفمبر المنصرم أن كوريا الشمالية وروسيا استهدفتا مباشرة في الشهور القليلة الماضية «سبع شركات بارزة تجري أبحاثاً على لقاحات وعلاجات كوفيد - 19 حول العالم».
وأشار «كيم بايونج - كي»، عضو البرلمان من الحزب الحاكم الكوري الجنوبي، والذي استمع إلى الإفادة الاستخباراتية نفسها، أن كوريا الشمالية لم تذكر نتائج الانتخابات الأميركية في وسائل الإعلام الخاضعة للنظام، مما يشير إلى مخاوف بيونج يانج من فوز بايدن. وذكر المشرع «كيم» قائلاً: «كوريا الشمالية أبلغت بعثاتها الخارجية ألا تصدر رد فعل أو آراء شخصية، محذرةً من أن رئيس البعثة سيكون مسؤولاً عن أي شيء يتعلق بهذا الأمر». ويرى المشرع الكوري الجنوبي أن النظام قلق من انتهاء العلاقات الأفضل مع إدارة الرئيس ترامب ومن احتمال عودة واشنطن إلى نهج عهد أوباما من «الصبر الاستراتيجي» تجاه كوريا الشمالية. وذكر أن وسائل إعلام كوريا الشمالية التابعة للنظام استغرقت ما بين يومين وتسعة أيام للاعتراف بفوز كل من جورج بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب.
وكانت إدارة أوباما قد رفضت التفاوض مع كوريا الشمالية على مدار القسط الأكبر من السنوات الثماني التي قضتها في السلطة، أملاً في أن تجبر العقوبات النظام الحاكم الكوري الشمالي على التخلي عن برنامجه للأسلحة النووية. وبعض الخبراء قلقون من احتمال إجراء كوريا الشمالية اختبارات للأسلحة بعد تولي بايدن السلطة، مما يدفع بالمخاوف منها إلى مكانة متقدمة في القائمة الدبلوماسية للرئيس الجديد. لكن آخرين يرون أنها قد تكمن وتنتظر ما يصدر عن الإدارة القادمة من إشارات ذات دلالة.
سايمون دينير
رئيس مكتب «واشنطن بوست» في طوكيو
ومين جو كيم
مراسلة «واشنطن بوست» في سيول
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»